‏”النساء الآن”.. تغير دور المرأة السورية في ظل الحرب

‏”النساء الآن”.. تغير دور المرأة السورية في ظل الحرب

المصدر: سوريالي

 

“مركزنا بالغوطة الشرقية هو أحد المراكز التابعة لمنظمة النساء الآن من أجل التنمية، هدف المركز هو العمل على حماية المرأة من آثار الحرب والصراع الحاصل، وتوعيتها بحقوقها وبدورها في المجتمع، كما العمل على تنمية قدراتها بشتى المجالات، كي يكون لها دور مؤثر وفاعل في صناعة السلام بالمستقبل”، تذكر السيدة خلود، مديرة المركز، الواقع في بلدة مسرابا بالغوطة الشرقية.

 

عقب ستة أعوام من الحرب، كابدت المرأة السورية خلالها الكثير، متحملة أعباء الصراع، وسط تغير لدور الرجل أو غيابه لأسباب عديدة كالاختفاء القسري أو القتل أو الاعتقال، لتمسي المرأة وحدها المسؤولة الوحيدة عن حماية نفسها ورعاية عائلتها والإنفاق على أطفالها، إلا أنه وبالرغم من كل ذلك، ما تزال بعض شرائح المجتمع ترفض فكرة كسر الصورة النمطية للمرأة، وتبوئها لمناصب قيادية في المجتمع.

 

مركز “النساء الآن” في الغوطة الشرقية

 

“النساء هن الأكثر عرضة للخطر في حالات الحروب، لذلك تم إحداث قسم دعم نفسي لحماية السيدات من الآثار الناجمة عن الحرب”، تقول السيدة خلود من الغوطة الشرقية، مضيفة “كما لدينا أيضا برنامج القيادات النسائية، والمتضمن لعدة محاور (التواصل – التفاوض – المناصرة – المرأة القيادية – الإشراف والقيادة وتقييم الاحتياجات الإنسانية)، يهدف البرنامج إلى مساعدة المرأة لتغدو أكثر قدرة على الاستقلالية والاعتماد على الذات، حتى تكون قادرة على صنع القرار بنفسها”.

 

 

يقوم المركز في الغوطة الشرقية بالعمل على تمكين المرأة بناحيتين أساسيتين، في المجال الاقتصادي، وذلك عبر إقامة دورات مهنية كالخياطة والتطريز والحلاقة والتجميل، بالإضافة للتمكين المعرفي أيضاً، عن طريق دورات متنوعة في اللغة العربية والإنكليزية، والرياضيات والحاسوب والتمريض، “طبعا لدينا أيضا ورشات تتعلق بالأمن الرقمي، وكتابة السيرة الذاتية، وإدارة المشاريع، ومبادئ الصحافة والإعلام”، تذكر مديرة المركز.

 

– – – –

وتضيف “الشيء المميز بمنظمة النساء الآن من أجل التنمية، هو تلك السياسات الموضوعة لدعم المرأة بشكل عام، والأم العاملة بشكل خاص، كتأمين روضة للأطفال، ساعات الإرضاع المفتوحة، إجازات الأمومة، ومراعاة المرض أثناء فترة الحمل، فهذه السياسات تعد عاملاً محفزاً لكثير من السيدات”.

 

مدربة الحاسوب أمل، تتحدث عن طبيعة عملها داخل المركز، وما تقوم به من مهام، كتعليم المتدربات كيفية استخدام الحاسب وطرق الحفاظ عليه، بالإضافة لتعليمهن لبعض البرامج الأساسية، والتي قد تحتاجها المرأة لدى مزاولتها لأي عمل، وتوضح أن “الدورات بالمركز مقسمة إلى مستويين، يضم المستوى الأول برامج الأوفيس والويندوز، بينما يضم الثاني برامج الأكسس بالإضافة لصيانة الحاسوب”.

 

“قام المركز بتقديم العديد من الدورات والندوات التعريفية والتثقيفية، والتي تهدف لتمكين المرأة اقتصادياً ومعرفياً، كما يتميز المركز بوجود مدربات متخصصات، كل حسب مجاله”، تذكر نور، إحدى المتدربات، مشيدة بدور المركز وما يقدمه من برامج وورشات ودورات متنوعة، تحت إشراف كادر متخصص.

 

– – – –

تأسست منظمة “النساء الآن” في حزيران عام 2012، وتتوزع مراكزها بين سبعة مقرات في سورية، ومركزين بلبنان، بحسب السيدة لمى راجح، العضو في المنظمة، والمسؤولة عن تنفيذ برنامج القيادات النسائية في سورية.

 

تشير راجح إلى أن المنظمة “واجهت منذ تأسيسها مجموعة من التحديات المتمثلة بإيجاد أفضل السبل للمساهمة في تمكين المرأة السورية وتعزيز دورها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، للمشاركة في عملية بناء السلام وإعادة إعمار سورية”.

 

وتردف “خلال السنوات السابقة، أدركت المنظمة التحديات والمعوقات التي تواجه المرأة السورية سواء بالداخل أو بالخارج، منها على سبيل المثال، عدم وجود قيادات نسائية محلية، فتم العمل على تنفيذ برنامج القيادات النسائية سواء في سورية أو لبنان، والذي يهدف لتمكين النساء وتنمية مواهبهن وقدراتهن، حتى يكن مؤثرات بمحيطهم المحلي، وقادرات على تسليط الضوء على مشاكلهن، وإيصال أصواتهن لمراكز صنع القرار”.

 

ومن الحاجيات الأساسية التي قد تحتاجها المرأة السورية اليوم، هي وجود منبر إعلامي، تستطيع من خلاله إيصال صوتها ومعاناتها، للمشكلات المختلفة التي تواجهها، لذلك ارتأت المنظمة، بحسب ما تقول راجح، العمل على تنفيذ برنامج في تدريبات الصحافة، حتى تكون المرأة قادرة فعلا أن تعبّر عن همومها بقلمها وبصوتها، “حاليا يتم العمل على إصدار مدونة خاصة بالمقالات والأفكار المختلفة التي تكتبها النساء”.

 

وتتابع “حقيقة ما يميز المنظمة فعلاً، مواكبتها لظروف النساء، وذلك عبر إطلاق حملات مناصرة لهن، بناء على تقدير احتياجاتهن، كمساندتها لنساء إدلب على سبيل المثال، بعد إطلاق مجموعة من النساء هناك، حملة للمطالبة بحماية أنفسهم وعائلاتهم، نتيجة تعقد الظروف الأمنية في المدينة”، لافتة إلى أن ” ما يميز النساء الآن أيضا، بأن معظم القيادات داخل المنظمة نفسها، هم من النساء، حيث تتجسد رؤية المنظمة بدعم المرأة للمرأة”.

 

– – – –

“سوريا ما بعد الثورة، تختلف عن سوريا ما قبل الثورة”

 

وردا على سؤالنا حول ظهور فيديوهات استعرضت آراء سلبية حول دور المرأة في الغوطة الشرقية، تجيب لمى راجح “للأسف كانت بعض الآراء.. تسيء بشكل أو بآخر للمرأة السورية”، مضيفة أن ” هذه الاستطلاعات لا تعكس بالضرورة كل آراء المجتمع المحلي، وإنما تعكس آراء شريحة محددة أو معينة، وبالتالي لا نستطيع تعميم نتائجها، أي بأننا لا نستطيع القول بأن المجتمع المحلي بالغوطة رافض لفكرة عمل المرأة على سبيل المثال”.

 

وتشدد العضو في منظمة النساء الآن على أن “المرأة اليوم موجودة ضمن المجالس المحلية بالغوطة الشرقية أو بالشمال السوري، اليوم المرأة السورية، نتيجة تبادل أدوار الجندرية وغياب الرجل لأسباب مختلفة، انخرطت في مجال العمل، وهي موجودة في مجال التعليم والصحة، اليوم المرأة تلتحق بالورشات التي تقيمها منظمات المجتمع المدني، اليوم الطالبات يتنقلن ويسافرن من منطقة لأخرى كي يلتحقن بالجامعات الموجودة ضمن المناطق المحررة”.

 

وتوضح السيدة راجح بأن الثورة السورية “كسرت العديد من “التابوهات الاجتماعية” مشيرة إلى أن “سورية ما بعد الثورة، تختلف عن سورية ما قبل الثورة، فاليوم لدينا مجتمع مدني نشيط نوعاً ما، يحاول خلق وعي لدى الناس حول أهمية وفاعلية دور المرأة في المجتمعات المحلية”.

 

– – – –

وتعود لتؤكد أن “ما ورد من آراء سلبية بهذه الفيديوهات، يعد شيئاً طبيعياً، فاليوم عندما نتحدث عن مجتمع سوري متنوع، فأمر طبيعي أن يكون لدينا آراء رافضة لعمل المرأة، رافضة لمساواة المرأة بالرجل، أو تسعى لعدم كسر الصورة النمطية للمرأة”.

 

تختم راجح “لذلك هنا يأتي دور منظمات المجتمع المدني، لتدفع بعجلة التغيير الإيجابية، إلا أن خلق الوعي وإمكانية التغيير لا يولد بين بوم وليلة، وإنما يستغرق وقتا، وبرأيي، بأن منظمات المجتمع المدني استطاعت، ولو بشكل بسيط، أن تخلق نوع من الوعي حول أهمية دور وعمل المرأة السورية” .

Follow us

Recent Posts