كلمة المديرة التنفيذية لمنظمة النساء الآن من أجل التنمية، د. مارية العبدة، في الفعالية الجانبية حول “المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان” في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ۲۳ سبتمبر ۲۰۲۰

كلمة المديرة التنفيذية لمنظمة النساء الآن من أجل التنمية، د. مارية العبدة، في الفعالية الجانبية حول “المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان” في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ۲۳ سبتمبر ۲۰۲۰

د.مارية العبدة • المديرة التنفيذية لمنظمة النساء الآن من أجل التنمية
د.مارية العبدة • المديرة التنفيذية لمنظمة النساء الآن من أجل التنمية

منذ ٢٠١٤ و كجزء من عملي مع النساء الآن من أجل التنمية، انخرطت مع ناجيات و ناجيين من الجرائم المروعة التي ارتكبها النظام السوري و الأطراف الأخرى من الصراع وشهدت كفاح الكثير من زميلاتي والسيدات المشاركات في برامجنا اللواتي نجين من شتى أنواع الجرائم من التعذيب، عنف جنسي و مبني على النوع الاجتماعي ، هجمات كيماوية ، تهجير قسري وغيرها. فمن النادر أن تجد سورياً نجا من جريمة واحدة فقط. فقدنا زميلات ومشارِكات بسبب القصف الجوي و غيره من الجرائم.

 

لهذا السبب أود أن أرحب بهذه الخطوة الهامة التي اتخذتها هولندا وأن أعرب عن تقديري العميق.

ندرك تمامًا أن هذه الخطوة محدودة النطاق، و لكن تبقى مساهمة كبيرة في النضال من أجل العدالة والمساءلة لأن الشعب السوري ومن يدعمه في المجتمع الدولي يضطر إلى اللجوء إلى أي آليات عدالة متاحة في غياب عملية مساءلة أكثر شمولاً.

 

المهم تحديدًا في هذه المبادرة أنها تكشف عن آلة التعذيب والقتل السورية ، وتعمل على مساءلة الحكومة أمام الشعب السوري والمجتمع الدولي ككل.

كما أنها ذات أهمية سياسية كبيرة في وقت تسعى فيه بعض الدول إلى إعادة اللاجئين/ات السوريين إلى سوريا لأنها تعتبر الحرب قد انتهت وتفترض خطأً أن سوريا الآن مكان آمن.

لا توجد أيدٍ نظيفة في سوريا كما صرحت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في تقريرها الأسبوع الماضي. يجب محاسبة كل مجرم في سوريا على الرغم من أن الحكومة السورية هي الجاني الرئيسي لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. واجبها حماية أرواح وكرامة المواطنين/ات السوريين/ات ، لكنها ترتكب أبشع الجرائم بحق مواطنيها.

 

لذلك نحث جميع الدول الملتزمة بالدفاع عن حقوق الإنسان والعدالة العالمية على أن تحذو حذو دول مثل هولندا وألمانيا ، والعمل من أجل المساءلة. مثل هولندا اليوم ، نحن بحاجة إلى أن تكون البلدان جريئة وخلاقة ومبتكرة في جهودها لتحقيق العدالة لسوريا.

 

عندما نتحدث عن التعذيب الجماعي في سوريا ، لا نتحدث عن الماضي ، فالجرائم مستمرة: عشرات الآلاف ما زالوا رهن الاعتقال التعسفي. هناك أناس يتعرضون للتعذيب ونحن نتحدث وآخرون تحت التهديد بالاعتقال والاخفاء الوشيك. يجب أن ينتهي هذا الأمر الآن.

في حين أن معظم المعتقلين تعسفياً أو المختفين قسراً هم من الرجال ، فإن الغالبية الباقية في المجتمع هن من النساء. النساء اللواتي يجب أن يتحملن المسؤولية الكاملة لأسرهن ، ماليًا وعاطفيًا ، ويعرضن حياتهن للخطر عندما يقتربن من جهاز الدولة بحثًا عن مكان أحبائهن .

 

كنساء ، تتفاقم معاناتهن لأنهن محرومات من حقوقهن الأساسية في المجتمع الأبوي وتعانين من التمييز المنهجي في المجالات القانونية والاقتصادية والأسرية.

بعض هؤلاء النساء يدافعن عن المختفين/ات قسراً ويشكلن العمود الفقري للحركات مثل مبادرة عائلات من أجل الحرية وعائلات قيصر. يجب أن تتضمن أي عملية عدالة صوت هؤلاء النساء ، ومعالجة مطالبهن وتزويدهن بإجابات حول أماكن وجود أحبائهن وكذلك التعويضات ، ليس فقط المالية ، ولكن أيضاً التغييرات الهيكلية التي تضمن عدم تكرار هذه الجرائم.

 

لا ينبغي فصل جهود هولندا والدول لتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم ١٣٢٥ لإدراج مشاركة المرأة في العملية السياسية عن إدراجها في عملية العدالة.

ما يطالب به معظم السوريين ، نساءً ورجالاً ، هو دولة تحترم كرامتهم وحقوقهم كمواطنين ، ولا تعذبهم بسبب هتافهم من أجل الحرية. وهذا هو السبب في ضرورة دعم أي عملية عدالة من خلال انتقال سياسي حقيقي قائم على القرار رقم ٢٢٤٥، وإلا ستظل العدالة مجتزأة.

شكراً جزيلاً

 

د. مارية العبدة