بينما انتظرت فجراً مبتهلاً بالفرح، أغمضت الشمس عيناها وشحب وجهها وتساقطت حبات الدمع من أجفانها، تقول: لا تحزني فإن الله معكِ، وهل أنا في حلم أم في واقعي ماذا تقولين؟ أصمتي…
بعد ساعات من القلق أخبرتني بأنني سوف أكون وحيدةً في بلاد غريبة فيها، وهي الكارثة التي قدمتها لي الدنيا، لحظة وفاة زوجي الذي سقط في بلاد الحرب والدمار، البلاد الفانية، ملتوياً قلبي لفراقه.
كبتُ في قلبي اليأس والحزن، وقست الأيام على جوارحي التي بها يعاقبني المجتمع من جهة، والعادات والتقاليد من جهة أخرى.
وبعد عامين من التأمل والمعاناة اتخذت قراراً أن أكسر حاجز المجتمع واخرج نفسي من هذه الدائرة، لكي أكون شخصاْ آخر، لتعود الفرحة لقلبي ولأسرتي التي فيها أطفال يحتاجون إلى أُم ٍ قوية وصامدة، تتحدى كل صعوبات وتحديات المجتمع، وتعوضهم عن فقدان أبيهم.
كانت النتيجة أن أكمل دراستي كي أعطي لنفسي أولاً حياة ًجديدة بعيدة عن الحرب، والمأساة، والجهل، والظلم، كي أسترجع حياتي كما كانت عليها في السابق.
قررتُ أن أدخل الجامعة وأنا كلي عزيمة وإصرار، هنالك فقط أحسست بذاتي التي كانت متعطشة للعلم والثقافة، كي أكون سيدة حقيقية أمام أطفالي، وأتحدى صعوبات الحياة والعادات والتقاليد.
وبعد إصرار وعزيمة أكملت دراستي الجامعية وحققت النجاح، وبعد فترة زمنية قصيرة أُتيحت لي فرص العمل.
أعطيتُ لأطفالي الإرادة والتصميم ورسمتُ لهم طريقاً إلى المستقبل، لأن الحرب سلبت منهم مشاعر الطفولة، وأحرقت دموعهم، وشتت أفكارهم، فكنت الدافع الأقوى لهم كي يكون العلم سلاحهم، والقلم رفيقهم، حتى تعود الشمس، وتفتح لهم أعينها التي يجب ألا تغمضها لهم.
وهكذا كانت حياتي بعد وفاة زوجي أدعم كل سيدة متزوجة كانت، أو أرملة أو مطلقة أو عزباء حتى يكون لها هدف تضعه نصب عينيها.
فالعلم لا يقيده عمر ولا زمن، هو سلاح المرأة لتكون السيدة الأولى لكيانها، وذاتها والقادرة على كسر العادات والتقاليد البالية في المجتمع.
كوني حريصة ًأن تتجرئي وتخطي الخطوة الأولى وهي أقوى الخطوات وأهمها، أطمحي للأفضل فأنت امرأة سورية، كوني شامخة ولا تكوني ضعيفة ً فأنت الأقوى.
سيدتي لا تنسي إنكِ الطبيبة والمهندسة والمعلمة، ولا تنسي إنكِ الفنانة التي ترسم البسمة على وجوه أطفالك.
أنت الأم…
أعطي أطفالك الأمل والشجاعة والإرادة والتصميم لتحقيق أهدافهم، امنحيهم الفرحة التي حرمتهم منها الدنيا أيام الحرب والقتال.
لا تترددي فالحياة زمن قصير والعمر ماضٍ، لا تكتفي بكونك منبعاً للحياة بل كوني الشريان الذي يجري في عروقها أيضاً.
الصورة مأخوذة عن:
Mohannad Orabi – Syrian Artist Untitled, 2017 From the series Ripples series Mixed media on canvas
What do you think?