صباح اليوم الثاني لدفن أبان..
بات موجباً أن نضع كتالوجاً للزلزال خاص بالسوريين، تحسباً لتنفس آخر للأرض يودي بمن بقي منا..
– تعلم التركية، ففرق الإنقاذ لن تصيح عليك إلا بلغتها.. يوم الردم.. فرصتك الوحيدة بالنجاة أن تفهم ما يقولون وترد بلغة المنقذ لا بلغة أمك أو ألمك.
– علم أولادك أسماء أقربائهم، الأقربون والأباعد، فإن غفلت عيناك عن الدنيا، لن ينقذهم إلا أن يتعرفوا هم على قريب ما.. وعلمهم اسمهم واسمك واسم بلدك ولماذا أتيت لهذه البلاد وازرعها في قلوبهم.. حين تموت سيأخذونهم ويمحون كل ما علمتهم إياه.. بذرائع قانونية شتى..
– لا تشتري فرشاً وأدوات كثيرة لبيتك، عند الردم، سيذهب كل شي، وسيتعرفون على أنقاض بيتك من قميص أهدتك إياه أمك أو أكلة تحبها بقيت سليمة في المطبخ.
– تصور طوال الوقت، وانثر صورك في زوايا بيتك، على الأرض والجدران بين الملابس.. عند الزلزال، يتسارع المنقذون لجمع الصور وتركها على الأرصفة وسيركض الأهالي ليروا كل صورة لعلهم يستدلون بها على مكان بيتك بعد الانزياح والردم.
– اشتري كلباً وقطة، يحب موظفو فرق الإنقاذ القطط والكلاب أكثر من البشر.. إن وجدوها تحت الأنقاض.. سيتركون كل الشي لإخراجها وتصويرها ونشرها كدليل على عملهم الجاد وإنسانيتهم.. لربما ستنقذك قطتك أو كلبك…. فالتصق بالكلب أو القطة ما استطعت.. قد يكونوا سبباً لإنقاذك. سيجلسون على الأنقاض التي تحتضن جثمانك ولن يبرحوا.. الكلاب أكثر إخلاصاً من كثير من البشر.
– إن التقيت شاباً اسمه أديب يوسف من عين الفيجة ابن شهيد وابن أخ شهيد أو يحيى السيدة أخ لشهيد من اللاذقية، أو أحمد اسطنبولي فاقد ل ٤٠ من عائلته من ادلب، أو ياسين السعدو أو عبود حمام من الرقة.. اطمئن.. هؤلاء رجال الله على الأرض أُرسلوا ليقفوا بجانب وحدتك، ليزيلوا الأنقاض عن أحبابك ويركضون عند خروج كل جثمان يطلبون صورة فقيدك ليقارنوا الصورة بالجثامين.. وسيذهبون معك للدفن وسيبكون أكثر منك.. سيبكون فقيدك / فقيدهم.. سيحملون وألمك.. وسيكونون سندك وعزوتك دون طلب.. في كل مصيبة تهبط عليك، ستجد هؤلاء ومن يشبهونهم يحيطون بك.. في كل مصيبة ستجد يحيى وأحمد وعبود وياسين آخرين.. لا تقلق لن تكون وحدك أبداً..
– حاول أن تلبس ملابس لائقة عند النوم، وأحمِ وجهك.. إن خرجت حياً.. سيتسابق المنقذون ليتصورون معك وينسبون فضل حياتك لجهودهم.. وإن خرجت ميتاً لن يلتفت إليك أحد.. موتك ليس موضع تباهي.. في الحالتين حافظ على وجهك رفقاً بأمك حين تراك في وداعك الأخير..
– إن سمعت وأنت تحت الأنقاض شجاراً بلغات مختلفة، أعلم أنك لن تُنقذ.. هذا خلاف بين فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية حول آليات العمل.. غالباً ستنسحب الفرق الأجنبية بعده ويترك المحليون العمل غاضبين ليشربوا الشاي والسجائر حتى تموت..
– سيسخر الله لك مواطنين أتراك يغفرون لكل من خيبك، يركضون من مكان لمكان بحثاً عن فقيدك، سيتشاجرون مع فرق الإنقاذ أكثر منك.. سيرافقونك في رحلة الأمل والفقد.. إذا رأيت محامية وجهها نور وقلبها نور.. اعلم أنك كريم ميتاً أو حياً.. وأنك بين يدي امرأة عظيمة أمينة ورجل لا وجود لمثله.
– لا تعول على الأقرباء فقط، إن كان لديك صديقة ك صبا مدور، لن تنام حتى يجدوا جثمانك.. اعلم أن في بلدك نساء تعادل الرجال وتفوقهم لهفة وحرصاً ومحبة.. ليس هناك الكثير من صبا لكن.. إن أسعفك القدر وصادفتها.. ستعوضك عن العشيرة والبلد
What do you think?