أحلام.. أصرت على تحقيق الحلم!
من لما كنت طالبة بكالوريا كنت أعشق الدراسة والعلم، وما أرضى غير إني كون الأولى كل سنة، وبالفعل نجحت وجبت 240 من 240 مع أني كنت أدرس على ضوء القمر أو النواسة أحيانا، كانت فرحتي مالي الدنيا… والأرض مو واسعتني ودموع الفرح مالية عيوني.
نجحت.. بعد تعب وسهر وسفر من الضيعة على المدينة، وكنت احلم باليوم إلي رح روح فيه عالجامعة وكمل حتى دراسات عليا وكنت أول بنت في القرية رح تطلع تدرس برا الضيعة، وفجأة أبي بيحكيلي!
“ما عنا بنات تدرس برا قال جامعة قال , شو بدك الناس تحكي علينا بعت بنته لحالها على الجامعة! لهوووون وبس البنت من بيت اهلها لبيت جوزها”
عبارة أي صعقتني، نمل جسمي وحسيت حالي رح أنشل للحظات رجف قلبي وسخن وجهي وفكرت للحظة انو هاد مو صوت أبي وأنو اللي عبسمعه كابوس، بس لا هاي هي الحقيقة للأسف.
وهون قررت فكر بهدوء شو لازم أعمل بسرعة لإنقاذ الموقف، جوهت على أبي ولاد عمي وحكوله إنه حرام يبطلني لاني شاطرة ولكن ما رد عليهم، ولما رحت لجيب الشهادة من المدرسة بالمعرة تجرأت و حكيت للمدير قصتي وكان كتير يحترمني، طلبت منه انه يتواسطلي مع أبي ويساعدني بتغيير قرار والدي وبكيت قدامه كتير لاني بحب كمل تعليمي، وهون المدير تعاطف معي وقلي بوعدك إنه رح ساعدك بس بدك تطولي بالك.
وبالفعل بعد كم يوم بعت المدير لوالدي بطاقة دعوة لحضور اجتماع أولياء الأمور، وكان متقصد يعمل هالشي منشاني طبعا وبالفعل تم تسليم الورقة لأبي وتاني يوم راح أبي عالمدرسة بدون ما يخبرني إنو رايح وأنا كان قلبي محسسني أنه رايح عالمدرسة ليشوف المدير.
وضليت أستنى على نار لبين ما رجع وكنت قاعدة على حرف الدرج عبستنى الخير اللي بتمناه، وفجأة من بعيد طل أبي وهو حامل بيده شي ولما قرب شوي شفته يضيف أهل الحارة راحة وبسكوت،حسيت في شي رح يفرحني ولما دخل ابي عالبيت تطلع فيي وابتسم وقلي : “كلهم حمدوا منك رفعتي راسي اليوم والله كلهم فرحانين فيكي لانك الاولى..خلص اذا بدك كملي جامعة بس بشرط بحلب ومافي غيرها”
بهي اللحظات ما بعرف شو صابني أفرح ولا أبكي ولا أحضن أبي ولا ولا ولا شعور غريب وحلو كتير..
وهون انا رحت سجلت بجامعة حلب أدب عربي وتخرجت وعلمت مئات الطلاب والطالبات وكتير منهم/ن تخرج ولهلا بسمع عبارات شكرهم بداني، ودربت آلاف النساء والفتيات والرجال وساعدت كتير منهم ليكملوا دراستهم ويوصلوا لاهدافهن/م.
وهيك سنين وسنين 11 سنة وأنا هيك درس ودرب وساعد النازحين/ات وأسس فرق تطوعية حصلت على عدة جوائز دولية وكنت من بين الـ100 امرأة الأكثر تأثيرا بالعالم والوسام الذهبي لصناع التغيير على مستوى الوطن العربي كان من نصيبي والحلم الأكبر اللي حققته بافتتاح مدرسة الأحلام اسم مدرستي ملأ المنطقة و صار بكل مكان على اللافتات وعلى الطرقات وأمام المدارس والبلدات، ولسا العمل مستمر والمستقبل يلمع بعيوني مثل ألوان قوس قزح.. فالأحلام لا تنتهي..
بس انا رغم كل هالشي ما وقفت عند حد معين، بالعكس تابعت عملي وشكلنا لجنة حماية لدعم التعليم بعد ما توقفت رواتب المعلمين في مدرسة أطمة الريفية، كان بالمدرسة 650 طفل/ة مهددين/ات بترك المدرسة وهذا الأمر كتير خطير.
ما بنسى وقت بدأنا بتشكيل اللجنة وقديش سهرنا وتعبنا وعانينا لحتى تنجح الحملة اللي عملناها للحصول على دعم ودفع رواتب المعلمين، وكنا نحاول ساعات لنقدر نرتب وقت للاجتماع لان كل واحد منا مرتبط بعمل ووقته مو بايده هاد غير البرد بالشتاء والتنقل و التنسيق.
قررنا أول شي نروح ع الوزير لنجيب موافقة إنه نحن بدنا نجمع تبرعات للمعلمين، وبالفعل حصلنا عليها وبتشجيع كبير من سلطات الأمر الواقع كمان لحتى ما نتعرض لأي تحديات أو مضايقات.
من هون بلشت حملتنا الاعلامية على الفيس والواتس والتلغرام، حاولنا نلفت نظر المجتمع لفداحة هالمشكلة، وكمان عملنا مجلس أولياء أمور وطرحنا فكرة ( جمع التبرعات ) لدعم التعليم وتأمين رواتب 27 معلم/ة وحراسين وموظفين/ات لخدمة المدرسة، وهالشي رح ينقذ 650 طفل من التسرب والفساد والتسول والعمالة والزواج المبكر.
زميلي الأستاذ أحمد اضطر يبيع سيارته البيك أب ليأمن أكل لأولاده والأساتذة زياد ومحمد وأديب، كلهم كانوا محتارين بعد سنين من التطوع كيف رح يأمنوا مصروف عيالهم ومعظمهم نازحين والدنيا شتا وبرد وفقر.
الحملة الاعلامية جابت نتيجة والكل تعاطف مع المعلمين وبلشنا نجمع التبرعات، من المنظمات والأطباء والتجار وحتى أهالي الطلاب
قسمنا الأدوار بينا، أحلام تجمع التبرعات وأديب بسلم الرواتب ومحمد ينسق للاجتماعات الشهرية لتسليم الرواتب، وهيك لمدة ست شهور، ماكنت الأمور سهلة ابدا بس كان في شي يحفزنا وهو أنه ما بدنا نشوف ولا طفل برا سور المدرسة.
بالنتيجة قدرنا نحقق شيء حلو كتير، لما قدرنا نأمن رواتب المعلمين/ات وكل كوادر المدرسة، ولما شفنا الطلاب/ات واقفين/ات بالطابور الصباحي وفرحانين/ات لأنهم/ن رح يكملوا/ن تعليمهم/ن وعيونهم/ن مليانة فرح.
والفرحة الأكبر لما اجت منظمة وقف الديانة التركي وتكفلت برواتب المعلمين كلهم واستمرت العملية التعليمية.
What do you think?