لما كنت بعمر 18 كنت عم ادرس بكالوريا، وكأي صبية بهاد العمر كان عندي أحلام وطموحات كثيرة عم أسعى حققها، والبكالوريا هي الخطوة الأولى حتى أبدأ مشواري، وكانت كل الأمور ماشية تمام و كنت كتير مبسوطة ومليانة نشاط هيك حتى قرب وقت تقديم الامتحانات.
ووقتها كان التقديم بغير منطقة كنت عم حضر حالي لحتى روح مع رفقاتي ونقدم سوى، وقتها بيجي أخي ويخبرني إني ما فيي روح قدم لأني عندي مشكلة بأوراق التسجيل، وأنو لازم ضبطها وهاد الشي بدو وقت لحتى يخلص ورح يروح علي الامتحان.
حسيت وقتها كانوا صاعقة نزلت على راسي صرت أبكي وأصرخ وقلن “كيف يعني مابصير هلق لحتى عرفتوا ليش ما حكيتو من قبل” والكل عم يهديني ويقلي لا تزعلي سنة الجي بتقدمي وأنا ما عدت استوعب أي شيء كيف يعني رح تروح علي السنة بعد كل هالتعب والعذاب كيف!
شعور كتير صعب لما تشوف حلمك عم ينسرق منك فجأة وأنو تعبك راح بلا نتيجة، شيء كتير صعب رفقاتي قدموا ونجحوا ودخلوا عالجامعة وأنا كنت عم انتظر على أمل السنة اللي بعدها قدم، فجأة بسمع أنو الطريق تسكر وصار كتير مشاكل بالأخص مع الطلاب يلي عم تنزل على مناطق النظام.
هون أهلي صاروا ضد فكرة أنو ارجع انزل وقدم ورفضوا رغم أني حاولت معن كتير، أنا بهاد الوقت كنت كتير مدايقة ومزعوجة لأنو رفقاتي قدروا يحققوا أحلامهم، وأنا ماقدرت دخلت بحالة اكتئاب شديدة وانعزلت عن الكل كنت دائما ابقى وحيدة وما بحب أختلط ولا احكي مع حدا.
كل ما بتذكر اللي صار معي ببكي وبنهار وبتعب كتير ومرقت فترة طويلة وأنا على هي الحالة، بعدين سألت حالي لأيمت رح ابقى هيك لازم ما استسلم واترك الصعوبات تدمرني، صرت أبحث وأسأل ودور وعرفت أنو في معاهد تعليم، وإنه فيني ارجع عيد وقدم البكالوريا.
قررت أني إرجع أبدأ المشوار من جديد، وفعلا رحت سجلت وشفت بنات عم تكمل دراستها، في منهن من عمري وفي أكبر مني، وبالرغم إنو بعضهن ظروفهم صعبة كتير وعاشوا تجارب صعبة ورغم هيك ما استسلموا.
وقتها أدركت إنه مافينا نعيش الحياة مع اليأس وإنه الأمل والإيمان هني بيخلونا نكمل رغم كل الظروف، هالشي ساعدني لأطلع من الجو اللي كنت عايشة فيه ورجعت الأمل لحياتي.
ورجعت ارسم أحلامي، ودرست وقدرت أنجح وكنت كتير مبسوطة وفرحانة لما كنت عم شوف نتيجتي وأنا ماسكة التلفون، الكل كانت منتظر هاللحظة! لما شفت نتيجة نجاحي مر ببالي كل اللي صار معي وصرت أبكي.
بس هالمرة كنت عم أبكي من الفرحة، فرحتي بنجاحي، صار الكل يسألني شو النتيجة، وأنا قلهن نجحت نجحت.
أتأكدت وقتها إني بقدر دائما ابدأ من جديد وفيني حقق اللي بحلم فيه إذا سعيت له، وبالفعل سجلت بالجامعة وكنت كتير متحمسة لأني قدرت اتخطى أول عقبة.
أول مرة دخلت عالجامعة وقفت وصرت طلع حولي وقول بنفسي عنجد أنا قدرت أوصل وحقق اللي كنت بحلم فيه، شعور ما ينوصف وفرحة كبيرة، وهلأ أنا صرت بالسنة الرابعة وكتير فخورة بنفسي، وصار شعاري بالحياة ” لاحياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة”.
بعرف إنه في كتير بنات تخلوا عن أحلامهن وطموحاتهن لأسباب كتيرة، بس أنا قررت إني ماوقف أبدأ وإني رح أبقى أمشي ورا حلمي وحقق طموحي، ورح حاول أعمل اللي بقدر عليه لحتى أثر بالبنات حولي.
بعد فترة تعرفت على الأنسة أفنان وهي صبية كمان مرقت بظروف بتشبه طروفي وعاشت نفس تجربتي، وكان عندها هدف تحقق تأثير، أسسنا مجموعة سميناها “كيان” بضم بنات عندهم أحلامهن.
واجهنا تحدي كبير وهو إنه مو كلنا بنفس السوية ومتمكنات، وكنا بحاجة لأنه نشتغل ع أنفسنا أكثر لنكون قويات، ولحتى نمتلك وعنا مهارات بمجال العمل و نطور أنفسنا ونكتسب خبرات.
كما كان في تحديات متعلقة بطبيعة حياتنا كنساء بالمجتمع، وكان لكل وحدة فينا ظرفها الخاص فيها، منها مسؤولية البيت والدراسة وكمان كان في صبايا مابيقدروا يطلعو من بيوتهن إلا بأوقات محددة، والانترنت.
كنا نعمل اجتماعات فيزيائية وأون لاين حسب الظرف، ونتناقش ونتبادل الخبرات والمعلومات، كنا نبحث بالكتب ونحضر تدريبات ونشوف فيديوهات واستعنا بأشخاص عندهن خبرات وساعدونا وقدمولنا النصائح والارشادات.
قسمنا العمل بينا كمجموعة، صبية استلمت التنسيق وصبية تولت أمر تجهيز الصالة وصبية تواصلت مع المستفيدات، و صبية تحضر لإعطاء المنهاج، كنا نتساعد مع بعض ونستشير بعضنا بكل الخطوات.
مابنسى التعب الي مرينا فيه والسهر لوقت متأخر والفيقة بكير مع طلوع الضو وزقزقة العصافير وصوت بيان وهي عم تقول معقول ننجح! كلمات دعاء رح نوصل لهدفنا وننجح أنا واثقة ياصبايا! لهلق ببالي كلمة أفنان وهي عم تخبرنا خدوا نفس طلعوا ع شروق الشمس وشعروا بنسمة الهوى الي بتجدد الأمل وما تخافوا نحن كيان!
اشتغلنا مع فتيات أميات ونجحنا بتعليمهن القراءة والكتابة بشكل كبير، وماوقفت القصة هون قررنا نتابع نتيجة عملنا عطتنا حافز لنستمر.
قصتنا بدأت بوحدة وهلق نحن مجموعة”كيان” جمعتنا قيمنا وأفكارنا وأوجاعنا الي مرينا فيها وقدرنا نتغلب عليها عم نحاول نوصل للبنات يلي حابين يكملوا دراستهم بس ماعندهم الفرصة حتى يحققوا أحلامهم ومنشاركم تجاربنا وندعمهم حتى ينجحوا وفي منهم كتير.
مريم يلي انقطعت عن الدراسة وهي بعمر صغير كل يوم لما تشوف طلاب المدرسة، كيف عم يروحوا على مدارسهم ويرجعوا وهي مانها قادرة تروح وتبكي على حالها وعم تحلم ترجع لمقاعد الدراسة.
وليلى يلي كانت من الطلاب الأوائل بس ماقدرت تكفي دراستها وتحقق حلمها إنها تصير طبيبة، بسبب وضعها المادي وتكاليف الدراسة المرتفعة وأصبحت إنسانة محبطة دون أحلام بعد ما كانت كتلة متوهجة.
وأمل يلي عم تعاني كل يوم مع أولادها وهي مانها قادرة تساعدهم بدراستهم، لأنها تزوجت وهي بعمر صغير وما قدرت تكفي تعليمها والأمل غايب عندها.
وسمر اللي بتعاني من الظلم والقهر وبتسمع كلام كل يوم يا جاهلة يا أمية من الأشخاص الي حواليها المتعلمين لأنها مابتعرف تقرأ ولا تكتب حتى اسمها.
ورغد اللي يستهين فيها كل يوم زوجا المثقف وبعيرها كيف أنا اخدت جاهلة مو بمستواي ومتلي!
وفي كتير متل رغد وريم وليلى من النساء والفتيات لهيك خلونا نشوف ريم وروان وأمل ورغد عم يتابعوا تعليمهن، ونرسم البسمة والفرحة على وجوههم ليكونوا متعلمات ويفتخروا بأنفسهن، ويعلموا أشخاص غيرن خلونا نشوف والنساء والفتيات اللي متلن عايشين حياة أسرية سعيدة معتزات بنفسهن دون خوف من أزواجهن.
خلينا نكون يد وحدة لحتى نعيش مع مريم فرحة الرجعة لمقاعد الدراسة، ونمشي مع أمل مسيرة أولادها وهي عم تساعدهم لحتى يصيروا قامات علمية، و بيان لحتى تحمل شهادتها تلبس مريولها وتحقق حلمها إنها تكون طبيبة وتساعد المرضى، خلينا نرسم البسمة على وجه سمر وهي عم تكتب وتقرأ كل اللافتات يلي عم تمر قدامها.
ما عاد بدنا نشوف بنت عم تتحسر على ضياع أحلامها وتعليمها.
What do you think?