منذ عدّة أيّام، وبالصّدفة البحتة. أعددت تقريراً عن المصطلحات التي عَرَّفَتْنا عليها الحرب في سوريا، والتي التصقت بنا قسراً، ورغماً عنّا.
فلاجئٌ، أو نازحٌ، أو مهجَّرٌ، أو معتقل وغيرها. لا فرق بينها. جميعها مصطلحات وُصِفْنا بها كسوريين.
واليوم أصبح لقبي، أو صفتي: نازحة! بعد ثماني سنوات من حربٍ مريرة.
فالبرميل، والصّاروخ، والعنقودي، والفوسفوري، وكلُّ شيء يستخدمه الأسد، والروس يقتلنا بواسطته.
هو فعلاً كلّ يومٍ يقتلنا حتّى لو لم يُصِبْنا، أو يقربنا. نحن نُقْتَلُ كلّ يوم، بواسطة خبر سيّئ، أو نزوحٍ جبري، أو صورةٍ لحيّنا المهدّم، نُقتَل بالتّشرد الذي يعيشه مئات السكان في ريف إدلب الجنوبي، يقتلنا فراق كلّ شيءٍ عشنا معه ذكرى.
نحن فعلاً نقتل…
أن تترك منزلك، حيّك، مدينتك، وأحباءَك قصّةٌ سوداء اللّون، مُرّة الطّعم بنهايةٍ تراجيديّة. إنّه شعورٌ مريرٌ جدّاً !
منذ يومين، ذكّرني “face book” بمنشورٍ لي من سنة. كنت حينها في مدينة سراقب بريف إدلب. وقبلها بسنة كنت في تركيا، وقبلها بسنتين كنت في مدينة الطّبقة شرقي سوريا. تعدّدتِ الأسبابُ، وكنت أتنقل كثيراً بفعل الحرب، لكن بقرارٍ منّي.
وأتساءل: بعد سنة هل سأكون على قيد الحياة؟! وعندما يُذَكّرني “face book” مجدّداً بذكرى ما أين سأكون؟ فلم نستطع حتى تاريخ اليوم أن نستقر ونكون كأيّ بشرٍ طبيعيّين.
كلّ ليلةٍ أقول في نفسي: سأكتب، يجب ألّا أتوقّف عن الكتابة، وأنقل كلّ حادثةٍ وواقع. لكنّني في بعض الأحيان أجد نفسي عاجزة.
الحمد لله أنا حيّة، وبصحّةٍ جيّدة، وأتابع عملي، ولي منزلٌ يأويني، وطعام يشبعني، وأستطيع النوم، ولكنّني تركت قلبي في مكان آخر، أخشى ألا أراه ثانية.
What do you think?