تنكيل وتكبيل لطفولة بريئة، مجتمع قيد نفسه بعاهات وتقاليد لا يعرف كيف يخرج من متاهاتها.
ولعل تلك العينان اللوزيتان بنظرتيهما الحادة تحتجان على قدر بللهما بدمع رقيق، نظرت حولها وإذ بها بين ركام لا مفر منه حيث علاقة زوجية هشة، رجل غابت عن ملامح وجهه الابتسامة، مقطب الجبين، كالح الطلعة. صبت حزنها على كفتيها الصغيرتين، وصكت وجنتيها لائمة مجتمعا الذي لا يعي سوى التشدق والكلام، وتمنت في قرار نفسها لو أنها لم تكن في مثل هذا العالم البائس.
لم تنطق شفتاها بل تشرذمت روحها وكأنها تعانق وجه السماء “نحن ندرك أن الشر موجود وأن الحزن موجود، ولكن لا نتوقع أن تكون كل تلك الأشياء المؤلمة قريبة منا إلى هذا الحد”.
خوف الأم من أن تصبح ابنتها مثل أختها “العانس” كان هاجساً يطاردهاً طوال ذاك الوقت إلى أن زجت بطفلتها الصغيرة فيما سمته “بالقفص الزوجي ” لكن لم تعلم بأنها كبلت أحلامها وأسرت روحها خلف قضبان ذلك القفص.
لم يكن فارق العمر بين تلك الفتاة وزوجها الحاجز الوحيد بينهما بل وفارق الروح والتفكير كان الهوة الكبرى في حياتهما.
كانت اللكمة الأولى على وجهها بارزة بعد شهرين من زواجها “لا أدري أكان ذلك زواجاً أم أنه يحمل في طياته هروب من فقر وعوز وفاقة”
أصبحت تخاف وتقف لا كزوجة أمام زوجها بل كأمة أمام سيدها –أبكت قلبي قبل أن تبكي عيني –شعرت بالضعف كل الضعف، وأيقنت حينها أن ضعفنا حقيقة وقوتنا زائفة.
تلك الطفلة البريئة واجهت العديد من المشاكل النفسية والصحية، حاولت مرات ومرات البوح لأمها لكن الأم لم تقل سوى كلمتها المعهودة “الطلاق يا ابنتي ليس بالأمر السهل ” أيعقل أن يكون الفقر هو الذي ليس بالأمر السهل!
لا أعلم بالضبط ولكن الذي أعلمه فقط هو أن ذاك هو الجريمة بأم عينها “الزج أحلام طفلة بريئة في هاوية الهلاك”
همست في أذني كلمة كان وقعها كالرصاص “أنقذوا طفولتي التي لم أعشها يوما”.
What do you think?