اليوم أنا قررت اني خبركن قصتي, القصة اللي بتمنى ما حدا سوري يمر فيها وما تتكرر. يمكن تكون قاسية عليكن بس هي القصة هي قصة آلاف العائلات بسوريا ويمكن عم تتكرر بهاللحظة اللي عم اكتب فيها. رح ضل احكي وسمع صوتي لأنو ما حدا لازم يتعذب لا المعتقل ولا عيلة المعتقل, كل العالم لازم تعيش حره وما حدا بيستحق ينسجن ظلم.
اسمي مؤمنة الحاج علي بنت يوسف الحاج علي
والدي يوسف الحاج علي كان إمام وخطيب جامع عثمان بن عفان بعربين بالغوطة بريف دمشق
وكان معلم مدرسة بالمدرسة الشرعية
بابا كان إنسان كتير طموح وكان قائد بالنسبة إلي. كل العالم اللي منعرفهن بيحبوه. كان مصر يتعلم لآخر لحظة وهاده اللي علمنا ياه وكان قدوة لألنا. حتى لما اعتقل كان في كتب بغرفتو كان لسا عم يدرس فيهن.
بابا اعتقل بتاريخ ٢٣ حزيران من شهر حزيران ٢٠١٢. فات الأمن حملة مداهمة بالسيارات والدبابات على حارتنا ومشطو كل بيوت الحارة وطلبو من أبي ينزل معهن
كنا كتير خايفين, دقوا الباب وأخدوه معهن. فكرنا إنو بدهن يفتشوا الجامع لهيك اخدوه. بس أبي راح بهداك اليوم وما رجع. الأمن رجعو بهداك اليوم وفتشو البيت وقلبوه فوقاني تحتاني.
كنا أنا وأمي وإخواتي الأربعة. نحنا خمس بنات وأنا الكبيرة. بتذكر انو كان باقي شهر على رمضان وبواحد رمضان هديك السنة بلشت رحلة نزوحنا لمناطق كنا منعتبرها أكتر أماناً بسبب القصف اللي صار يستهدف عربين
حاولنا بكل الطرق الممكنة انو نعرف أي شي عن بابا ولا قدرنا عرف أي شي ولا بأي مكان هو. نزحنا ست مرات بغيابو وآخر مرة فيهن كانت ب ٢٠١٨ على تركيا. كل مرة كانت بداية جديدة وتعب جديد وكل هالشي بدون بابا.
ب ٢٠١٣ تواصل معنا الأستاذ منصور العمري وهو كان معتقل سابق بالفرقة الرابعة وخبرنا انو شاف والدي بالمعتقل وانو كانو سوا وانو منصور علم بابا اللغة الإنكليزية ووالدي تعلم الإنكليزي بشكل منيح خلال تواجده بالمعتقل مع منصور. الأستاذ منصور قدر يطلع قميص معو من المعتقل مكتوب عليه أسماء ٨٢ معتقل التقى فيهن وقت كان بالسجن. الأسماء كانت مكتوبة بالدم والصدئ باستخدام عظمة دجاج. من ضمن هدول الأسماء كان اسم أبي.
صار عنا بصيص أمل وكنا نحلم باليوم اللي رح يرجع يجمعنا بوالدي. بشهر آب ٢٠١٣ صارت مجزرة الكيماوي, توفت عمتي بالكيماوي بزملكا وتوفى جدي بنفس اليوم بالقصف العنيف اللي اجا فوراً بعد المجزرة واستهدف كل الغوطة. كان يوم من أقسى الأيام اللي مرت علينا وبالذات بدون وجود بابا.
رغم كل شي, حاولنا أنا وإخواتي ما نحبط وكنا عم نتطوع بكل المجالات اللي منقدر عليها سواء بالتعليم أو الدعم النفسي للأطفال أو الطبية. الحاجة كانت هائلة بالغوطة وكان كل حدا فينا لازم يشتغل بكذا مجال لنقدر نسد النقص الموجود.
بعام ٢٠١٥ اشتغلت مع منظمة دولتي على مشروع أرشيف التاريخ الشفوي, خلال هاده الشي التقيت بعائلات معتقلين كتار من الغوطة وتشاركنا مع بعض مشاكلنا ووجعنا المشتركين. ما كنا لحالنا باللي صار, كتير عائلات سورية عاشت ألم انتظار المعتقلين بين التعلق بالأمل واليأس والخوف من تلقي أخبار ما بدنا نسمعها أو نفكر فيها.
كنا عم نكبر وأبي بعيد. تزوجت ووالدي ما كان معي ليفرحلي. وخلال أعنف حملة مرت عالغوطة كنت حامل بطفلتي.
ما بعرف كيف نجينا من اللي صار بالغوطة, ما بعرف كيف طلعنا عايشين بس كل هاده الشي ما كان بصعوبة يوم تهجرنا قسرياً وطلعنا بالباصات الخضرة ورحنا عالأتارب
وكنا مجبورين نترك كل شي ذكريات بتربطنا بأبي ورانا بالغوطة.
بنص ٢٠١٨ بلشت تطلع شهادات الوفاة تطلع للمعتقلين بسجون النظام. وحده قريبتنا كانت بسوريا وحاولت تساعدنا لنطلع الورقة اللي من من خلالها فينا نعرف لو أبي عايش أو متوفى
بعد كم يوم حاكتنا وقالت انو قالولي أبوكي عايش وسألتها وين الورقة, قالت رقضو يعطوني ورقة وقالولي روحي عفرع الأمن السياسي لو بدك ياها وأنا خفت وما قدرت روح. أنا صدقتها بهداك الوقت. كان هاده الحديث قبل بولادتي بطفلتي ب ٣ أيام. هي أخفت عنا الحقيقة لشهور من خوفها علينا بعد كل شي مرينا عليه وبسبب إني كنت حامل
بعد كم شهر عرفت إنو أبي متوفى ووصلتنا الورقة اللي بتقول إنو أبي متوفى بدون أي معلومات تانية وبدون ذكر سبب الوفاة
بصراحة أنا ماني مصدقة ولا رح صدق.
كانت الورقة منشورة على مواقع التواصل الإجتماعي منشورة مع التعليق اللي بعمري ما رح انساه ” شهيداً تحت التعذيب”
القصة من صفحة عائلات من أجل الحرية الرابط الأصلي
What do you think?