في إدلب في تلك البقعة الخضراء بدأنا نتهاوى بسرعة عجيبة، يسقط أحدنا بلا سند، ربما لأننا محطمون من الداخل فنسقط سريعاً. لقد تركنا الفايروس حتى النهاية، وقف شامخاً متربصاً وبدأ يصطادنا، بلا تفرقة أو رحمة. حتى شهيقناً أصبح يوضعُ ضمن ميزانية!
نحنُ المنهكون، أجوافنا فارغة، ذاكرتنا معلقة وأحساسينا معطلة. نحنُ المهزوزون بخبرٍ أو إشاعةٍ أو نكتة!
عواطفنا متلبدة و كلماتنا مختصرة، ونقول: “يا رب السترة”. سُترة نطلبها لنخفي جوعنا، وسُترة نطلبها بشدة لنخفيّ انكساراتنا، وسُترة نخفي فيها خجلنا من غريزة البقاء.
لم يبقى لنا بعد سنواتٍ مريرة سوى بعضنا، اليوم نعيش ما تبقى من وقتنا حياة رقمية، غالية جداً ومنهِكة، نستبدل بها ربطة خبز.
وكل ما يضحكنا ويبكينا في هذه الحكاية هو برودة المشاعر.
بتنا لا نخاف ولا نُسعد، لا شيء يُلفت انتباهنا المشدود دوماً نحو متاهة البقاء.
كيف نبقى وكيف نستمر وكيف نحيا؟
في كل مرحلة نتعلم نمطاً جديد، نتعلم كيفية تحويل المعاناة لروتين. نحاول أن نخترع وأن نستبدل، وكل ما نراه هو استبدالنا. لا نقفُ أبداً ونعترف بالهزيمة، ولا نقول أبداً أنتهت اللعبة، ندفعُ في كل مرة وننطلق من جديد نحو التهالك.
لا أساسيات لدينا ولا كماليات، نعيش الظرف ونتخطاه سريعاً وكأنها لعنة.
كيف لا نفهم أبداً، كيف نتطور سريعاً رغم الغرق، كيف بعد كل هذا نتجرأ على الحلم؟
كل شيء يتعاون على إبادتنا ولا ننتهي، ويسألون أنفسهم غاضبين: “ألا ينتهون؟” ونستمر رغم القيود ويستمرون.
بعد كل كارثة ننهض بعزيمة أقوى، وننتظر الاشعار، أين الاشعار؟ ألم يحن وقته؟ الم يئن أوانه؟
ومع كل ليلة نعانق الوسائد، نضربها ونُغرقها وننام برفقتها، فهي التي تبقى ونحن المرحلون.
نحيا في أحلامنا ونحلم في حياتنا، ونركض كل مرة لنُنهي الكابوس.
لا لقاء ولا وداع ولا ملامسة بعد اليوم ولا حتى قبلة، إنها الحقيقة التي المّت بنا في نهاية المطاف، إنها الوحدة.
What do you think?